--------------------------------------------------------------------------------
يكتــظ العـديـد مـن الركـاب حـول بـاب الميكروبـاص .. فالكـل يريـد اللحـاق
بمـوعـده
يكتمـل الـعـدد .. ومـع صـوت إغـلاق البـاب ينـطـلـق السـائـق ..
فى المقـعــد الأمـامى كـانت تجلــس عبـيــر شــابة عـمـرها 24 سنــة ..
وهى الان فى طريقهــا لمـلاقـاة حـبـيبهـا ( أو صديقهـا .. بمصطلحات هذا الـزمن )
بالرغـم مـن انهـا تحاول الألتـزام .. ولكنهـا تعتقـد انها لو لم تقابـل شبـاب فـلـن تـتـزوج.
وتخــاف مـن شـبــح العنــوســـــة قبـــــح الله كـل زواج بـهذه الطــريـقـــة
و أسجـــل أعجـابـى بإبداعـــات الشـيطـان فى خـداع البشـــر
بجــوارهـا يجلــس أستــاذ سـامــى مــوظف بسـيــط .. ينهمـك فـى قــراءة
الجـريـدة و لكن نصيحــة منـى لا تـحـاول أن تصافحه .. فالمصافحة عـنـده مـعناهـا
أن تـضع فـى يــده بـعـض الـجـنيـهـات.
للأسـف هـو مـوظـف مـرتـشـى .. أذا كـان لديــك ورقـة حـكوميــة
تـريـد أنجـازهــا .. فلن تــسمـع إلا الـجمـلـة الـمـشهــورة (فـــوووت علينا بكرة
لكــن أذا وضعـت يـدك فــى جيبـك .. وأخـرجـت مـا لــذ و طـاب مـن الـجـنـيهـات ..
فطــلبـك يــنـجــز فــى الـحــال مع أبــتســامــة رقـيـقـة مـنـــه ..
فى المـقــعـد الـخــلـفـى يـجـلـس مـحـمـد كـل مـا يـربـطـه بــالإســلام هـو
أنه مـسـمـى عـلى أسـم أشـرف الخـلـق فهو شــاب جامعى ... ولكـن لـو أردت
الـبحـث عنـه فتـأكـد أنـــك لـن تـجـده فـى قاعـة المحاضرات من الممكن ان يكــون
مـع صديقـتـه فـى كـافيتريـا الجـامـعـة.
او مع أصـدقــائه فـى جـلسـة كـيـف أو ... أو ... أو اى مكـــان أخــر ما عــدا المـسجـد و الجامعـــة
بجـــواره يجــلـــس طــفـل صـغيـر عـائـداً مـن مـدرستــه
ولـه قصـة طريـفــة ستـعـرفـوهــا لاحــقـــاً يقطــــع صــوت أجــش
صـمــت الـــركاب قـــائلاً (الأجــــرة يا جمـــاعة ..... ) أنه الأســطـى فــرحـــات ســائــق المـيكروبــــــاص
لا أعــرف لمـاذا الفكـرة الســائـدة عــن مـعظـم السـائقيـن انهــم
أشخــاص عـديمـى الأخــــلاق ولكن يبـدو أن هــذه الفكـرة تـنـطبـق علـى الأسطى
فــرحات فـهـو أذا تـكــلم لا تـسمــع مـنه إلا الـقبـيـح و الـسئ مـن
الألفــــــــاظ وأذا كــانـت ألفـاظـه هكــذا .. فـمـا بـالك بـأفعـالـه تفتـح
منـال حـقيبـتـهـــا .. لتـقـوم بإخــراج الأجـــرة بيـنمــا هـى تـبحـث عـن
الـنقـود سـأقص لـكم حـكايتـهــا هى امــرأة متـزوجـة 35 سنة .. غيـــر مـحجبــة
دائماً ما تضـع الأعــذار لـنفـسهــا ... فـهـى تـريد أن تــتحجب
عـندما تـلتـزم بـكـل أمــور الــدين لأنهـــا لا تــريــد أن تـكـون مثـلـهـم
مـجـرد غـطــاء لـلـشـعـر و أخـلاقـهـم عـــارية بــصـراحة عـنـدك حـق
(المـحـجـبات الـــعراة .. دنـسـوا الـحجـاب بـأفعالهم .. اللهم اهـــدهم )
لكـن عـذراً .. هـذا يسمــى بالأمانــى وهـو مـن مـداخل الشيطــان ...
يا ريـت تـفهمى يا منال
رنيــن مــوبـايــل بـيـنمـا الـركـاب يـجـمـعون الأجــرة أنه موبـايـــل الحـاج صـلاح
يــــرد فى بـــرود (أيوا .. انـــا قولـتلكـم كـل اللى عـنـدى ..ومـفـيـش اكتر مــن كـده هـتخـدوه )
ثــم ينـهى الـمـكـالـمة فـى غـضـب لــقـد كـان عـلـى الـطـرف الأخــر أبـنـة أخـوه
الـذى تـوفـى ... وهـى تطـالبـه بـحقـهـا فى الميـــراث يــاله مـن وغــد ....
أبنـة أخـيه الـيتـيـمة .. يــأكل حــقــها ... يجــمع الأجــرة عـم خـلـيـل .. ويعـطـيهـا للـســائق ..
قــــائلاً (ما تنســاش الباقى يــا أسطــى ) عـم خـلـيل هــو بـائـع
الخـضـار و الفـاكهــة ... يـعتبـر نفـسـه بــائـع مـاهـر.
فمــكسبـه فـى تـزايد مــسـتـمـر وإليـك الـطـريـقـة .. أذا كـنـت
تـريـد أن تـكـون مــاهراً مـثـله أنه يغـش فـى المـيـزان ... والفـرق فـى الـوزن
يـتـحول إلـى جنـيــهات عــزيـزى عـم خـليـل .. أنـت غيـر رابـح ... انـت الخــاسر
الأكبــر ويــل للــمـطـفـفـين ويجلس بجوار الشباك شاب لا اعرف اسمة واضعــاً
سـمـاعـات الأم بـى ثـرىMp3 فى أذنيــه عينيــه تتتجـول مـن نـافذة الشـباك و
لا تتـرك أى أمـرأة إلا وتـفحص كـل جـزء فـيها بــالرغم مـن أنـه لا يـعـاكس
بـالكلام فهـو خجـول بعض الـشئ .. ولكن هـوايتـه النـظر ثم النـظر ثم النـظر
ينــادى احـد الــركـاب (علـى جنـب يـا أسـطـى ) ينـزل الـراكـب و للأسـف
لـم أستـطيـع مـعـرفة تفاصيــل عـنه يأتــى صـوت شاحـنـة كبيــرة
تمـر بـجـوار الميـكـروبـاص .... لــكـن هـنــاك خـطـب مــــــا الأسطى فـرحـات
يـحـاول فـى فـزع الأبـتــعـــــاد ... ولـكـن عـجـلـة القـــيــادة تـخـتـل فـى
يـده .. ويـفـقـد السـيطـرة تـمـامـاً.
صـراخ و عـويـل ثـم صـوت أرتـطـام شـديد جـــداً لـقـد سـقـطـت
الشـاحنـة من الـكـوبـرى وأخــتـرق المـيكروبـاص سـور الكوبرى ... وأصبـح نـصـفـه
مـتدلى بـالخـارج و عـلى وشـك السقـوط مـن أعـلى
هكـذا استـقـر الميكروبـاص نـصفه بـالخـارج و نصفـه عـلى الكـوبرى
... وفـى اى لحظـة مـمـكن أن يــسـقــط جمــيع الـركـــاب فـى فـزع.. يـصـرخـون
فالنـهـاية مـحتـومة .. والـمـوت يـقـرع الأبــــواب الجميع يرتجــف و يتمتـم
بكلمـات غـير مفـهومـة .... ولكـنى أقــتبسـت لـكـم منـهــا الاتى
عبيـــر
( يا رب سامحنى .. يارب ناجينى .. واعاهدك مش هخرج مع اى شاب تانى ... )
أستاذ سامـــى
(يارب نجينى ومش همد أيدى للحرام تانى ... يا رب ناجينى
علشان عيالى .. انا كنت بعمل كده علشانهم )
محمــد
(يا رب سترك .. يا رب هصلح حياتى كلها
.. يا رب انا عمرى ما صليت...)
الطفــــــل الصغير ... هـــل تـــتـذكره ...
يقول (يا رب انا أخدت قلم صاحبى اللى جانبى فى المدرسة من غير ما يعرف
... وكمان كذبت على ماما و قلتلها انى باكل الستدوتشات و انا برميها .. سامحنى يا رب )
عــم فــرحات
(يا رب .. انا معملتش اى حاجة حلوة فى دنيتى .. ادينى فرصة تانية)
مــــنال
(يا رب .. انا أول ما اخرج من الميكروباص ده هتحجب .. )
الحــاج صــلاح
( يا رب .... أنا هرجع حق بنات اخويا ... يا رب سامحنى انا كلت اموالهم ...)
عــم خـلـيــل
( يا رب انا عندى كوم عيال ... يا رب مش هغش تانى ... يا رب سامحنى
الشخــص الذى لا أعرف أسمه
(ناجينى ... يا رب انا كنت ببص بس .. مش بعاكس ولا بعمل حاجة تانية .. يا رب انا فهمت رسالتك ومش هعمل كده تانى .... )
مــــــرت الـدقـائــق القــليـلة كأنها ساعـــات ... الــجمـيع يـنـتـظر الـمـــوت
دمــــوع و أهــــــــات أستغفــــــــار و عــهـــود مـــع الله
تــوبــة .. وهـل تنـفــع تــوبة فـــرعــون عـندمــا رأى المــوت
أعتـــــــــرافـــات أســــرار خبــــــايا منـــاجـــــــــاة .. كــلـها
ظهـــــرت و سجــلـت لـكـم أحــداثـــهــــا فى الخــــارج يـتجـمــع حـشــد مـن
النـــاس يــحاولــون الـمــساعــدة شــد و جــذب و مـحــاولات ولكـــن قــضاء الله
و قـــدره فـــوق أى محــاولة و مـجهــــود بعــد قـلـيل ينـجـحـون فـى أعــادة
الميكروبــاص للــكــوبـــرى.
نجــا بـفضــل الله جميـــع الــركـــاب .. وسيــــارة الأســـعـاف
تـنقــل بـعـض الـمصابــيـن بجــروح طـفـيـفـة عــــــاد الجميــع لـبيـته
سـالــمـــاً رايــــــــح فـــين .... مــش ديه الــــنهاية لانــك لو أستطعت
توقــع نـهـاية مـوضوعى و فكرته .... فـأنا ســأعتزل الكـتابة لـلأبد
إنـها عبير .. هــل تتـذكروهــا ... تجــلس الأن مع شـاب أخــر فـى
مـوعـد غـرامـى لـقـد كــررت نفـس الذنـب سأخــتـصر الأحــداث ... فــلقـد عـاد
الـجمـيع لـطبـعـه السـئ مـرة أخــرى نقضــوا عهــدهم مع الله الذى نجــاهم و نسـوا
فضـله ... مجرد أيام التــزمــوا فـيـها بعـد الحـادثـة ... ثـم بدأ الأنسحــاب
بالتـدريـج حتــى عـادوا إلـى مـعـاصيـهـم .. بـل منـهم زاد عـنهـا ولكن لا
تنـــدهــش فلقــد أخـبـــرنـا المـولـى عـز و جـل عـن كـل هـذا بـالـتـفـصـيـل من
فضـــــلك .... مـن فـضـــــلك ... مــن فــضـــــلك أقــــرأ هـــذه الأيـــة
بــهــدوء و تــــــركيز وركـــز عــلــى الكــــلمـات باللون الأحمر :
يقول تعالى
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ
وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ
وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ
دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَامِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا
أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ
صدقت ربى ومن أصدق منك قيلاً هذا الأيــــة تلــخـــص
بــبســـاطـــة قــصـــة الـمــيكـــروبـــــاص .... وكــــذلك قصــــة كل
مـــعـصيـة نتــــوب عـــنها وقـــت الـشــدة ثم نعـــــود إليهـــــــا بـعـد
الـفــرج بالله عليك كم مـــرة حــدث مـعــكى هـــذا الــمــوقــف فــى حــيـــاتك
.. تــتــعرضى لــمـشكـلة كـبـيـرة و تـســألى الله تــفريـــج هــمـك ... ثــم بـعـد
الـفــرج تــعــودى مــن جــديــد لأفــعـــالك ... من فضـــلك كــونى صـــــــادقة
مــع نــفــســك و أعـــترفى لها و اذا كنت من ركاب هذا الميكروباص عليكى النزول فوراً
..... قبل فوات الأوان........؟؟؟؟؟